فصل: الفصل الأول في أصول تعتمد في ذلك:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: صبح الأعشى في كتابة الإنشا (نسخة منقحة)



.الطرف الثاني فيما يشارك فيه ملوك الكفر ملوك الإسلام في كتابة نسخ من دواوينهم:

اعلم أن الغالب في الهدن الواقعة بين ملوك الديار المصرية وبين ملوك الكفر أن تكتب نسخة تخلد بديوان الإنشاء بالديار المصرية، ونسخة تجهز إلى الملك المهادن. وربما كتبت نسخة من ديوانه مفتتحة بيمين.
وهذه نسخة هدنة وردت من جهة الأشكري، صاحب القسطنطينية في شهر رمضان سنة ثمانين وستمائة؛ مؤرخة بتاريخ موافق لأواخر المحرم من السنة المذكورة، فعربت فكانت نسختها على ما ذكره ابن مكرم في تذكرته:
إذ قد أراد السلطان العظيم، النسيب، العالي، العزيز، الكبير الجنس، الملك، المنصور، سيف الدين قلاوون صاحب الديار المصرية ودمشق وحلب، أن بينه وبين مملكتي محبة فمملكتي تؤثر ذلك، وتختار أن يكون بينها وبين عز سلطانه محبة. ولهذا وجب أن يتوسط هذا الأمر يمين واتفاق: لتدوم المحبة التي بهذه الصورة فيما بين مملكتي وعز سلطانه ثابتة بلا تشويش. فمملكتي هذا اليوم، وهو يوم الخميس الثامن من شهر أيار من التاريخ الرومي التابع لسنة ستة آلاف وسبعمائة وتسع وثمانين لآدم- تحلف بأنا جيلا الله المقدسة، والصليب المكرم المحيى، أن مملكتي تكون حافظة للسلطان العظيم، النسيب، العالي، العزيز، الكبر الجنس، سيف الدين قلاوون صاحب الديار المصرية ودمشق وحلب، ولولده ولوراث ملك عز سلطانه: محبة مستقيمة، وصادقة كاملة نقية، ولايحرك ملكي أبداً على عز سلطانه حرباً، أتعلى بلاده ولا على قلاعها، ولا على عساكره، ولا يتحرك ملكي أبداً على حروبه، بحيث إن هذا السلطان العظيم، النسيب، العالي، العزيز، الكبير الجنس، الملك المنصور سيف الدين قلاوون صاحب الديار المصرية ودمشق وحلب، يحفظ مثل ذلك لمملكتي ولولد مملكتي الحبيب الكمينوس، الانجالوس، الدوقس، البالأولوغس، الملك ايرلنك، ولا يحرك عز سلطانه على مملكتنا حرباً قط، ولا على بلادنا، ولا على قلاعنا، ولا على عساكرنا، ولا يحرك أحداً آخر أيضاً على حرب مملكتنا، وأن تكون الرسل المترددون عن عز سلطانه أيضاً مطلقاً آمنين، لهم أن يعبروا في بلاد مملكتي بلا مانع ولا عائق، ويتوجهوا إلى حيث يسيرون من عز سلطانه، وكذلك يعودون إلى عز سلطانه، وأن لا يحصل للتجار الواردين من بلاد عز سلطانه ضرر من بلاد مملكتي، ولا يحذرون من أحدٍ جوراً ولا ظلماً، بل يكون لهم مباحاً أن يعملوا متاجرهم. ونظير هذا- التجار الواردون إلى بلا عز سلطانه من أهل بلاد ملكي، يقومون بالحق الواجب على بضائعهم، وليقم كذلك التجار الواردون من بلاد عز سلطانه إلى بلاد ملكي بالحق الواجب على بضائعهم. وإن حضر من بلاد سوداق تجار وأردوا السفر إلى بلاد عز سلطانه، فلا ينال تعويق في بلاد ملكي، بل في عبورهم وعودهم يكونون بلا مانع ولا عائق بعد القيام بالحق الواجب. وهؤلاء التجار الذين من بلاد عز سلطانه والذين من أهل سوداق إن حضر صحبتهم مماليك وتجار، فليعودوا بهم إلى بلاد عز سلطانه بلا عائق ولا مانع، ماخلا إن كانوا نصارى، لأن شرعنا وترتيب مذهبنا لا يسمح لنا في أمر النصارى بهذا. وأما إن كان في بلاد عز سلطانه مماليك نصارى: روم وغيرهم من أجناس النصارى،، متمسكون بدين النصارى، ويحصلوا لقوم منهم العتق، فليكن للذين معهم عتائق مباح ومطلق من عز سلطانه، أن يفدوا في البحر إلى بلاد مملكتي. وكذلك إن أراد أحد من أهل بلاد عز سلطانه أن يبيع مملوكاً نصرانياً هذه صورته لأحد من رسل مملكتي، أو لتجار وأناس بلاد مملكتي، أن لا يجد في هذا تعويقاً، بل يشتروا المذكور ويفدوا به في البحر إلى بلاد مملكتي بلا عائق. وأيضاً إن أراد هذا السلطان العظيم النسيب، أن يرسل إلى بلاد ملكي بضائع متجراً، وأرادت مملكتي أن ترسل إلى بلاد عز سلطانه بضائع متجراً، فليكن هكذا، وهو إن أراد عز سلطانه أن تكون بضائع متاجره في بلاد ملكي منجاة من القيام بكل الحقوق، وإن أراد أن تقوم متاجر ملكي في بلاده بالحقوق الواجبة يقوم بمثل ذلك. وأيضاً أن يطلق عز سلطانه لملكي أن يرسل أناساً من بلاد مملكتي إلى بلاد عز سلطانه، فيشترون لي خيلاً جياداً ويحملونها إلى بلاد ملكي. وكذلك إن أراد عز سلطانه شيئاً من خيرات بلاد ملكي، فمملكتي أيضاً تطلق لعز سلطانه أن يرسل أناسه ليشتروه ويحملوه إلى عز سلطانه.
ولما كان في البحر كرسالية من بلاد غريبة، وقد يتفق في بعض الأوقات أن يعملوا خسارة في بلاد ملكي، وكذلك يجدون هؤلاء الكر سالية يفعلون ذلك في الآفاق في تخوم بلاد ملكي، لأجل هذا صار: إذا حضر قوم من بلاد سلطانه بمتجر يمسكون من أهل بلاد عز سلطانه ويغرمون. ولهذا فليصر مرسوم من عز سلطانه في كل بلاده أن أحداً من أهل بلاد مملكتي لايغرم بهذا السبب ولا يمسك، وإن عرض أن يقول أحد من أهل بلاد عز سلطانه: إن غرم أو ظلم من أهل بلاد ملكي فليعرف ملكي بذلك. وإذا كان الذي وضع الغرامة من أهل بلاد ملكي، فملكي يأمر، وتعاد تلك الخسارة إلى بلاد عز سلطانه. وكذلك إن قال أحد من أهل بلاد مملكتي: إنه ظلم أو غرم من أحدٍ من بلاد عز سلطانه، يأمر عز سلطانه، وتعاد الغرامة إلى بلاد ملكي. وأيضاً إذ قد أزمعت المحبة أن نصير بهذه الصورة، وتكون الصداقة بين مملكتي وعز سلطانه خالصة، حتى إنه أرسل يقول لملكي على معونة ونجدة في البحر لمضرة العدو المشترك، فمملكتي تفوض هذا الأمر إلى اختيار عز سلطانه، أن يرتب في نسخة اليمين مع بقية الفصول المعينة فيه، وتأتي الصورة كيف تعين وتنجد مملكتي في البحر. وإن كان لا يريد نجدة ومعونة مملكتي، فمملكتي تسمح بهذا الفصل أن لا يضعه عز سلطانه في نسخة يمينه، وهذه اليمين منا بحفظ ملكي لعز سلطانه ثابتة غير متزعزعة إن كان هذا السلطان العظيم يحلف لي يميناً بمثلها، وأنه يحفظ المحبة لمملكتنا، ثابتة غير متزعزعة، والسلام.
وهذه نسخة اتفاق، كتبت من الأبواب السلطانية عن الملك المنصور قلاوون عن نظير الهدنة المتقدمة، الواردة من قبل صاحب القسطنطينية، مفتتحة بيمين موافقة لها، وهي: أقول وأنا فلان: إنه لما رغب حضرة الملك الجليل، كرميخائيل، الدوقس، الأنجالوس، الكمينيوس، البالأولوغس، ضابط مملكة الروم والقسطنطينية العظمى، أكبر ملوك المسيحية، أبقاه الله- أن يكون بين مملكته وبين عز سلطاني، محبة وصداقة ومودة لا تتغير بتغير الأيام، ولا تزول بزوال السنين والأعوام، وأكد ذلك بيمين حلف عليها، تاريخها يوم الخميس ثامن شهر أيار سنة ستة آلاف وسبعمائة وتسع وثمانين لآدم، صلوات الله عليه، بحضور رسول عز سلطاني، الأمير ناصر الدين بن الجزري، والبطرك الجليل أنباسيوس بطرك الإسكندرية، وحضر رسولاه فلان وفلان إلى عز سلطاني بنسخة اليمين، ملتمس أن يتوسط هذا الأمر أيضاً يمين واتفاقمن عز سلطاني، لتدوم المحبة فيما بين مملكته وعز سلطاني، وتكون ثابتة ومستمرة على الدوام والاستمرار.
فعز سلطاني من هذا اليوم، وهو يوم الاثنين مستهل رمضان المعظم، سنة ثمانين وستمائة للهجرة النبوية المحمدية، على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، يحلف بالله العظيم، الرحمن الرحيم، عالم الغيب والشهادة، والسر والعلانية وما تخفي الصدور، وبالقرآن العظيم، وبمن أنزله، وبمن أنزل عليه، وهو النبي الكريم، محمد صلى الله عليه وسلم- على استمرار الصداقة، واستقرار المودة النقية، للملك الجليل كرميخائيل، ضابط مملكة الروم والقسطنطينية العظمى، ولولد مملكته الحبيب الكمينوس الانجالوس، الدوقس، البلأولوغس، الملك إيرإندروبنفوس ولوارثي مملكة ملكه، ولا يحرك عز سلطاني أبداً على مملكته حرباً، ولا على بلاده، ولا على قلاعه، ولا على عساكره، وبر ولا بحر، ولا يحرك عز سلطاني أحد آخر على حربه، بحيث إن الملك الجليل كرميخائيل يحفظ مثل ذلك لعز سلطاني، ولملكي، ولبلادي، ولقلاعي، ولعساكري، ولولدي، السلطان الملك الصالح علاء الدين علي ولوارثي ملكي من أولادي، ويستمر على هذه الصداقة والمودة النقية، ولا يحرك ملكه على عز سلطاني حرباً قط، ولا على بلادي، ولا على قلاعي، ولا على عساكري، ولا على مملكتي، ولا يحرك أحداً آخر على حرب مملكة عز سلطاني في البر ولا في البحر، ولا يساعد أحداً من أضداد عز سلطاني، ولا أعدائي من سائر الأديان والأجناس، ولا يوافقه على ذلك، ولا يفسح لهم في العبور إلى مملكة عز سلطاني لمضرة شيء فيها وطاقته.
وأن الرسل المسيرين من مملكة عز سلطاني إلى بر بركة وأولاده وبلادهم وتلك الجهات، وبحر سوداق بره، يكونون آمنين مطمئنين مطلقاً: لهم أن يعبروا في بلاد مملكة الجليل، كرميخائيل إلى بلاد عز سلطاني جور ولا ظلم، ويترددون آمنين مطمئنين يعملون متاجرهم، ولهم الرعاية في الصدور والورود، والمقام والسفر، بحيث يكون لتجار مملكة عز سلطاني في بلاد مملكة الملك الجليل كرميخائيل مثل ذلك، ويكونون مرعيين، لا يجدون من أحد في بلاد مملكة الملك الجليل كرميخائيل جوراً ولا ظلماً. ومن عليه واجب في الجهتين على ما استقر عليه الحال، يقوم به من غير حيف ولا ظلم.
وأن من حضر من التجار: من سوداق وغيرها بمماليك وجوار تمكنهم مملكة الملك الجليل كرميخائيل من الحضور بهم إلى مملكة عز سلطاني ولا تمنعهم. وأن الكر سالية متى تعرضوا إلى أخذ أحد من التجار المسلمين في البحر، ونسبت الكر سالية إلى رعية مملكة الملك الجليل كرميخائيل، يسير عز سلطاني إليه في طلبهم، ولا يتعرض أحد من نواب مملكة عز سلطاني إلى هذا الجنس بسببهم، إلا أن يتحقق أنهم آخذون، أو تظهر عين المال معهم، على ما تضمنته نسخة يمين الملك الجليل كرميخائيل؛ ولمملكة الملك الجليل كرميخائيل من بلاد عز سلطاني مثل ذلك.
وعلى أن الرسل المترددين من الجهتين: من مملكة عز سلطاني، ومن مملكة الملك الجليل كرميخائيل، يكونون آمنين مطمئنين في سفرهم ومقامهم: براً وبحراً، وتكون رعية بلاد عز سلطاني، ورعية بلاد الملك الجليل كرميخائيل في الجهتين من المسلمين وغيرهم آمنين مطمئنين، صادرين واردين، محترمين مرعيين. وهذه اليمين ل تزال محفوظة ملحوظة، مستقرة مستمرة، على الدوام والاستمرار.
قلت: وهذه النسخة الواردة من صاحب القسطنطينية المتقدمة عليها، وإن عبر عنهما في خلالهما بلفظ اليمين، فإنهما بعقد الصلح أشبه، واليمين جزء من أجزاء ذلك، ولذلك أوردتها في عقود الصلح دون الأيمان.

.الباب الخامس من المقالة التاسعة في عقود الصلح الواقعة بين ملكين مسلمين:

وفيه فصلان:

.الفصل الأول في أصول تعتمد في ذلك:

اعلم أن الأصل في ذلك ما ذكره أصحاب السير وأهل التاريخ، أنه لما وقع الحرب بين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وبين معاوية ابن أبي سفيان رضي الله عنه، في صفين في سنة سبع وثلاثين من الهجرة- توافقا على أن يقيما حكمين بينهما، ويعملا بما يتفقان عليه. فأقام أمير المؤمنين عليّ أبا موسى الأشعري حكماً عنه، وأقام معاوية عمرو بن العاص حكماً عنه؛ فاتفق الحكمان على أن يكتب بينهما كتاب بعقد الصلح، واجتمعا عند علي رضي الله عنه، وكتب كتاب القضية بينهما بحضرته، فكتب فيه بعد البسملة: هذا ما تقاضى أمير المؤمنين علي، فقال عمرو: هو أميركم، أما أميرنا فلا. فقال الأحنف: لا تمح اسم أمير المؤمنين فإني أخاف إن محوتها أن لا ترجع إليك أبداً. لا تمحها وإن قتل الناس بعضهم بعضا، فأبى ذلك علي ملياً من النهار. ثم إن الأشعث بن قيس قال: امح اسم أمير المؤمنين؛ فأجاب علي ومحاه. ثم قال علي: الله أكبر! سنة بسنة ومثل بمثل والله إني لكاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية، فكتبت: محمد رسول الله، فقالوا: لست برسول الله، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك، فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بمحوه، فقلت: لا أستطيع أن أفعل! فقال إذن فأري نه فأريته فمحاه بيده، وقال: «إنك ستدعى إلى مثلها فتجيب».
وهذه نسخة كتاب القضية بين أمير المؤمنين علي وبين معاوية، فيما رواه أبو عبد الله الحسين ابن نصر بن مزاحم المنقري، في كتاب صفين والحكمين بسنده إلى محمد بن علي الشعبي؛ وهو: بسم الله الرحمن الرحيم.
هذا ما تقاضى عليه علي بن أبي طالب، ومعاوية بن أبي سفيان وشيعتهما، فيما تراضيا من الحكم بكتاب الله وسنة نبيه محمد صلى اله عليه وسلم، قضية علي على أهل العراق ومن كان من شيعته من شاهد أو غائب، وقضية معاوية على أهل الشام ومن كان من شيعته من شاهد أو غائب، إنا رضينا أن ننزل عند حكم كتاب الله بيننا حكماً فيما اختلفنا فيه من فاتحته إلى خاتمته، نحي ما أحيا، ونميت ما أمات. على ذلك تقاضينا، وبه تراضينا. وإن علياً وشيعته رضوا أن يبعثوا عبد الله بن قيس ناظراً ومحاكماً، ورضي معاوية وشيعته أن يبعثوا عمرو بن العاص ناظراً ومحاكماً، على أنهم أخذوا عليهما عهد الله وميثاقه، وأعظم ما أخذ الله على أحد من خلقه، ليتخذان الكتاب إماماً فيما بعثا له، لا يعدوانه إلى غيره في الحكم بما وجدا فيه مسطوراً، وما لم يجداه مسمى في الكتاب رداه إلى سنة رسول الله الجامعة، لا يعتمدان لها خلافاً، ولا يتبعان في ذلك لهما هوى، ولا يدخلان في شبهة.
وأخذ عبد الله بن قيس، وعمرو بن العاص على علي ومعاوية عهد وميثاقه بالرضا بما حكما به من كتاب الله وسنة نبيه، ليس لهما أن ينقضا ذلك ولا يخالفا إلى غيره، وأنهما آمنان في حكومتهما على دمائمها وأموالهما وأهليهما، ما لم يعدوا الحق، رضي بذلك راض أو أنكر منكر، وأن الأمة أنصار لهما على ما قضيا به من العدل.
فإن توفي أحد الحكمين قبل انقضاء الحكومة، فأمير شيعته وأصحابه يختارون رجلاً، يألون عن أهل المعدلة والإقساط، على ما كان عليه صاحبه من العهد والميثاق والحكم بكتاب الله وسنة رسوله، وله مثل شرط صاحبه.
وإن مات واحد من الأميرين قبل القضاء، فليشعته أن يولوا مكانه رجلاً يرضون عدله.
وقد وقعت هذه القضية بيننا ومعها الأمن والتفاوض، ووضع السلاح، وعلى الحكمين عهد الله وميثاقه: ليحكمان بكتاب الله وسنة نبيه، لا يدخلان في شبهة ولا يألون اجتهاداً، ولا يعتمدان جورا، ولا يتبعان هوى، ولا يعدوان ما في كتاب الله تعالى وسنة رسوله، فإن لم يفعلا برئت الأمة من حكمهما، ولا عهد لهما ولا ذمة. وقد وجبت القضية على ما سمينا في هذا الكتاب من موقع الشرط على الأميرين والحكمين والفريقين، والله أقرب شهيداً وأدنى حفيظاً، والناس آمنون على أنفسهم وأهلهم وأموالهم إلى انقضاء مدة الأجل، والسلاح موضوع، والسبيل مخلى، والشاهد والغائب من الفريقين سواء في الأمر. وللحكمين أن ينزلا منزلاً عدلاً بين أهل العراق وأهل الشام، ولا يحضرهما فيه إلا من أحبا عن ملإ منهما وتراض. وأجل القاضيين المسلمون إلى رمضان: فإن رأى الحكمان تعجيل الحكومة فيما وجها له، عجلاها، وإن أرادا تأخيرها بعد رمضان إلى انقضاء الموسم، فإن ذلك إليهما. فإن هما لم يحكما بكتاب الله وسنة نبيه إلى انقضاء الموسم، فالمسلمون على أمرهم الأول في الحرب، ولا شرط بين واحد من الفريقين. وعلى الأمة عهد الله وميثاقه على التمام على ما في هذا الكتاب. وهم يد على من أراد في هذا الكتاب إلحاداً أو ظلماً، أو أراد له نقضاً.
شهد على ما في هذا الكتاب من أصحاب عليك الأشعث بن قيس الكندي، وعبد الله بن عباس، والأشتر بن الحارث، وسعيد بن قيس الهمداني، والحصين والطفيل ابنا الحارث بن المطلب، وأبو أسيد بن ربيعة الأنصاري، وخباب بن الأرت، وسهل بن حنيف الأنصاري، وأبو اليسر بن عمرو الأنصاري، ورفاعة بن رافع بن مالك الأنصاري، وعوف بن الحارث بن المطلب القرشي، وبريدة الأسلمي، وعقبة بن عامر الجهني، ورافع بن خديج الأنصاري، وعمرو بن الحمق الخزاعي، والحسن والحسين ابنا علي، وعبد الله بن جعفر الهاشمي، واليعمر بن عجلان الأنصاري، وحجر بن عدي الكندي، وورقاء بن سمي البجلي، وعبد الله ابن الطفيل الأنصاري، ويزيد بن حجية الدكري، ومالك بن كعب الهمداني، وربيعة بن شرحبيل، وأو صفرة، والحارث بن مالك، وحجر بن يزيد، وعقبة بن حجية.
ومن أصحاب معاوية: حبيب بن مسلمة الفهمي، وأبو الأعور السلمي، وبسر بن ارطاة القريشي، ومعاوية بن حديج الكندي، والمخارق بن الحارث الحميري، وزميل بن عمرو السكسكي، وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد المخزومي، وحمزة بن مالك الهمداني، وسبع بن زيد الحميري، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعلقمة بن مرثد الكلبي، وخالد بن الحصين السكسكي، وعلقمة بن يزيد بن الحر العبسي، ومسروق بن حملة العكي، ونمير بن يزيد الحميري، وعبد الله بن عامر القرشي، ومروان بن الحكم، والوليد بن عقبة القرشي، وعقبة ابن أبي سفيان، ومحمد بن أبي سفيان، ومحمد بن عمرو بن العاص، ويزيد بن عمرو الجذامي، وعمار بن الأخوص الكلبي، ومسعدة بن عمر القيني، وعاصم بن المستنير الجذامي، وعبد الرحمن بن ذي كلاع الحميري، والصباح بن جلهمة الحميري، وثمامة بن حوشب، وعلقمة بن حكيم، وحمزة بن مالك الهمداني، وإن بيننا على ما في هذه الصحيفة عهد الله وميثاقه. وكتب عمير يوم الأربعاء لثلاث عشرة ليلة بقيت من صفر سنة سبع وثلاثين.
وأخرج أيضاً بسنده إلى أبي إسحاق الشيباني أن عقد الصلح كان عند سعيد بن أبي بردة في صحيفة صفراء عليها خاتمان: خاتم في أسفلها، وخاتم في أعلاها. في خاتم علي محمد رسول الله وفي خاتم معاوية محمد رسول الله.
قلت: وذكر روايات أخرى فيها زيادة ونقص زيادة ونقص أضربنا عن ذكرها خوف الإطالة، إذ فيما ذكرنا مقنع. على أن المؤرخين لم يذكروا من ذلك إلا طرفا يسيراً.